What do you think?
Rate this book
136 pages, Paperback
Published June 16, 2020
العدالة كلمة قالها أحد الأغبياء فتلقفها ضعفاء هذه المقاطعة. و هي كمفهوم وجدت لتطبق على الفقراء و المساكين و المعدمين. أولئك الذين لا يمتلكون حيلة و ليس لديهم درع تحميهم أو واسطة "ظهر" سياسي. أما الأقوياء الأثرياء و أصحاب النقود فلا يمكن المس بهم أو الاقتراب منهم! حتى يمكننا القول إن العدالة عندنا تعني اقتصاص الأقوياء لما يبغونه و ترك الفضلات للفقراء و المساكين.عربستان و ما أدراك ما عربستان. حيث الظلم بالمجان و القهر و الذل يفترشان الأرصفة و الجهل و المرض يقتسمان حصتيهما من العقول و الأبدان. هي أرض افتراضية منذ الأزل. لا يتصور عاقل وجودها و لا يستوعب حر حدودها و لا يستظل لاجئ بظلها. هي بلاد خيرها لغيرها و حكمها ليس لأهلها و بلائها منها و فيها لا يغادرها و لا يصيب أقواما غير أقوامها. و لذلك كانت تلك العربستان هي ملجأ كل كاتب أراد تخيل بلادا حجبت منذ الأزل و لم يعد لها وجود إلا في بقعة من العالم استعصت على الافهام و حارت فيها الأحلام و العقول. يستحضر فايز إحدى مقاطعات تلك البلاد الخيالية ليقص علينا ما يمكن أن يحدث لو كانت تلك البلاد موجودة.
لو كان هناك رجال في هذه المقاطعة لكنا منذ زمن في خبر كان! فمعظم الناس هنا أتباع لنا أو مذعنون لرأينا أو خدام في بلاطنا أو محكومون بسلطاننا أو منفيون في غياهب الزمن. ففي هذه المقاطعة لطالما كنت الرئيس المهاب و المجاب بغير سؤال. و المطاع بدون استفسار. ما تطاول عنق إلا و قطعته و ما اشرأبت نظرة إلا و خطفتها. و ما عبر ببالي خطر إلا و تجسد أمامي. ترى الناس يسعون لمراضاتي زحفا و مشيا. كبيرهم قبل صغيرهم. و عالمهم قبل جاهلهم. فقد اعتادوا سيادتنا و رضوا بموقعنا و تحصنوا بإرادتنا و ذادوا عن مكتسباتنا. و كانوا خير عبيد. قل نظيرهم و ندر صنفهم.فعلا لو كان هناك رجال في هذه المقاطعة لتغير الحال.